كان يستدّل طريقه بالجدار .. يتلمّسه ويتخذه متكأ ولا يفارقه إلاّ بعد زوال الخطر .
أي ،، بعد مرور قافلة الفتيات اليافعات ، وكالعادة لم يحدث أن انتبهت إحداهنّ لوجوده .
يتنفس بصعوبة وحسرة وحنق على وجودهنّ في زمن أفول نجمه .
يغادر مبنى الشركة وهو يحدث نفسه بكبرياء ، أنه ذلك الفحل المقتدر ، وإن غزا الشيب فوديه واتسعت رقعة الصلع في مؤخرة رأسه ، وتكدّس اللحم طباقا حتى غاصت أعضاؤه النبيلة في غور حديث النفس الدنيء .
ثم يحرّك رأسه إلى الوراء بشموخ ورفضٍ لهذا التجاهل، حتى لتراه فجأة يتوقف وينهر أحد المشردين عرضاً ، ويشبعه سبّاً وشتماً إلى أن يلفظ من صدره آخر جمرة غضب.
مع الأيام ، لا أحد يدري ماذا فعل أو بمن استعان ، وبعد غياب لم يثر تساؤل أحد ، عاد على صهوة قرار بوّأه أعلى هرم بالشركة !.
وبلا دهشة ، كثر اللغط ، وتعالت صيحات التحسّر على حائط المبكى ذاك ..
الآن ،، قوافل الوارفات تغدو إليه فرادى ،
وتعود متسللّة .
وفي الخارج ذلك المشرّد المجنون بالمرصاد :
⁃ هل نبت الطحلب في فمك يا بنيّة !؟