#لقاء_عمل

تأنّقت بما يستدعيه لقاء عمل سريع ..

أحكمت إغلاق حافظة الملفاّت ، بعد أن تأكدت من ترتيب صفحات مسودة المشروع .. موضوع اللقاء المنتظر.

استأجرت سيارة ، حتى لا تستهلك انتباهها في زحام الشوارع والبحث عن المواقف .. وهي تحتاج كامل تركيزها اليوم تحديدا .

وصلت العنوان المنشود .. المقهىً جميل وهادىء .. رواده يحملون حواسيبهم في خشوع ، وأكواب القهوة مجرد ديكور ثابت ..

في الزاوية هناك وقبالة الشارع يجلس شريكها في المشروع منتظرا ..

تهلّل لقدومها في الموعد ، وأشار إلى ساعته مثنيا دقة التزامها .

تصافحا بحرارة ..

أعادَ ترتيب الطاولة فجعل الشارع إلى ظهره وقبالته أزاح لها الكرسي وقال لها : أنت في مواجهة الشمس ، حتى أرى تقاسيم وجهك الجميل .

ارتاحت لإطرائه ، ولم تمانع أن تترك خصلات شعرها منسدلة .. فهناك ما هو أهم .

طلب لها قهوة على ذوقه ، طالما يعرف أنها ليست من عشاق السكّر ، وكلّ النكهة في الحفاظ على أصل الذوق ولو كان .. مرّا .

أعجبها أن يتولى هو أمر الضيافة .. أيضا.

أعصابها استنفذت في المشروع وما تبقى منه ما بين الرجاء والأمل في مسألتي قبوله أو رفضه ، وتلك هي كل المسألة .

لكن .. مهلا !!

هل صُممّت طاولات المقاهي عمدا كي تحشر الأقدام ، وتتلاقى الرؤوس ! حفظا لمساحة المكان أم هي ضمن موجبات الحميمية التي توفرها القهوة بمختلف نكهاتها ؟!

أصبحت منه قريبة أو هو تعمّد أن يكون إليها أكثر قرباً؛

لم تتأكد ولكنها .. لا تمانع .

خيّم الصّمت ، وكلّ ينشد النجدة من الآخر ، ومن ينبس بكلمة أولا يكون قد أنقذ نديمه من ورطة لم تكن ضمن .. جدول أعمال اللقاء .

ماذا ينتظران ؟! ..

نظرتْ إليه ، تستحثه أن قلْ أو افعل شيئاً ..

جاءها ردّه من حيث لا ترى ولا تدري ..

التقف ساقيها بسرعة بين ساقيه واعتصرهما ، وجعلها تحبس دهشتها في تأوهٍ مكتوم، دلّت عليه حمرة وجهها الطاغية .

ثمّ ماذا بعد ؟ ..

الرّجل كان من المعارف الذين لا نتذكرهم إلا حين نراهم فقط ، وحدث أن داهم تفكيرها وأشغلها به، بمشاريع ليست ذات آجال قريبة؛ ومع هذا كانت الرسائل بينهما مكثفة ، وكانت تنتبه إلى لينِ اللغة الرسمية مع الوقت ، وتعطّرت الحروف بمحاسنها .

لا ، مهلاً .. كان يستعجلها الردّ وكان يلزمها بأن تعلمه كلما تلقت منه رسالة إلكترونية ، وهي تعلم يقينا وبالإثبات أن إشعارات الاستقبال تصل المرسل تلقائيا .

آه ! كيف لم تنتبه أنه راكم على قلبها الضعيف شوقا خفيا ، حتى إذا دنت الساعة دنا منها بلا استئذان .

هل نذهب إلى شقّتي ؟

بإيماءة رفضت ولكن بغير غضب.

حسناً ، لن أرغمك .. أشعر كأن العيون ستلتهمنا هنا.

أستأذنكَ ، أحتاج إلى تعديل تسريحة شعري ، أشعر بالحرّ هنا .

أفلتَ ساقيها ، تنهّدت وهي تسحبهما بهدوء .. شعرت بنسمة باردة أفسدت مزاج الدفء الذي كانت فيه .

مشيتها متعثرة ، وسياط نظراته تلهب ظهرها .. نعم كانت تعلم أنه يتبعها بعينيه الجائعتين .

ولكنها لم تعلم أنه تبعها ، ثمّ وكأنه اختطفها ، وجدته يجرّها من كتفيها محوّلا وجهتها نحو غرفةاستراحة الرضاعة” .. وأحكم إغلاق الباب وراءهما .

هل كانتْ قلقة من نظرات الناّس ؟! هل كانت تختبر جسدها وما يريد ؟! أم هل كانت تستحثّ كيمياء الرّغبة كي تترك لها زمام الأمر في الأخير ؟! .

غادرتها الأسئلة ، وحضرها جواب وحيد .. أنها تريده أيضا وأكثر .

أعادت يديه إلى موضع الاستعداد، سحبته من ياقته ، قرّبته إليها ، إلى وجهها ثم إلى .. شفتيها . وهمست بحنق وهي تلتهمه :

دعني أفعل بك ما .. أشاء .

**

كم هي صعبة لحظات ما بعد اللقاء .. فكيف تهمد الأعصاب ويُدفن الحرج .. والفراش بعيد !.

حسنا .. أعتذر لنعد إلى موضوع لقائنا !

وضاعت الأعذار من بين يديها .. ثم همست :

– “أواه” … لقد نسيتُ الملف في سيارةأوبر” !!.

Dehea.com🍃

#ديهيا 🍃

#ورقة_التوت🍃