دعاني إلى طاولة مغبرة ، جلست ُبحذر متحاشية وضع بصمات أصابعي على سطحها .
ورحتُ أنتظر قوله ، إذ كان يبدو من ملامحه مهما ..
– إسمعيني جيدا ، لقد جاوز عمرك الخامسة والثلاثين ، والعلم يقول إن المرأة تشيخ من الداخل في هذه السّن وإن كان ظاهرك ما يزال فتيّاً …
اعتدلتُ في جلستي وأعترف أنه سحب انتباهي إليه بقوة ، وحثثته برأسي أنْ أكمل ، ابتسم وتشجع .. وبثقة قال :
– أيْ .. وأنت في هذا العمر يصعب عليك الإنجاب وإن أفلحتِ فلن يكون وليدك مكتمل الخلق أو به عاهة ( لا قدّر الله لك هذا ولا له ) ..
– ثمّ .. ؟
– أرى أن نجرب حظّنا في الزواج ، بهذا تكوني قد أكملتِ نصف دينك وألجمْتِ ألسنة السوء عنكِ ، وإن لم يحالفنا التوفيق بعدها؛ فيكفيكِ منّي شرف التجربة !.
وقفتُ بهدوء وبغير اعتذار ، قلت :
– كنتُ سأقبل بعرضك هذا ، لو كان جسدك فتيّا لترويَ داخلي الذي “شاخَ” فأنت كما يقول ظاهرك قد بلغتَ من العمر عتيّا !؟ والعلم يقول : العضو الذي لا يُستخدم مع الوقت .. يضْمُر .
وقبل أن أغادره .. ناولته منديلا رطبا كي يشفط العرق الذي تصبب حبّاتٍ من جبينه،
ثم رسمتُ على غبار طاولة الغرام تلك رقم : 37 ، وأوضحت :
– ذلك هو عمري ، يا سيّدي.