شاحبة ، زائغٌ بصرها ..ضحكتها غير مرتبة في نوتات الفرح ..

ترى ماذا تخفي عنّي الصغيرة ؟

أما هو ، فقد كان يحمل عنها الثقيل من الحقائب وخفيفها ويكاد يحملها .. محياه وأزراره المحكمة لا توحي بشيء سوى أنه الزوج المثالي الذي طالما حلمت به .. أختها .

سألتهما بلهفة ، عن الرحلة وعن الصور وعن ..

لم تكمل أسئلتها فلا أحد منهما أجابها ولو مجاملة !.

حين ينقبض قلبها بلا سبب ، تدرك لاحقا .. السبب .

هل تنفرد بأختها وليكن ما يكون !؟

هل تؤجل هواجسها المستعجلة ، فربما تبين الأمر أنه التعب وطول السفر .. لا أكثر !؟

ثم طرأ ببالها سؤال ..

– هل أنت حامل ؟

ضحكت اختها باستهزاء وألم ، وغصت في جوابها المقتضب :

– ومن أين لي ولم يمسسني .. بشر!

– ما كان زواجكما إذن، وقد ملأتما الدنيا صخبا بِه ؟

– ربما لو تزوجنا بدون جلبة ، لكان حالنا أفضل !

– هل هناك ما يحول بينكما .. مرض أم مشكلة ؟

رمت الصغيرة حقيبتها على السرير ، وكمن يريد اختصار السر واحتواء فضيحته .. 

– لم أعد أفهمه ، قبل زواجنا كان أكثر حبا ونضجا و وضوحا .. هو الآن مجرد رجل غريب ، نقوم بتمثيلية كل صباح ونلتقط الصور كزوجين في بداية مشوارهما، وحين نعود إلى فندقنا ليلا ، يقبل جبيني ويتمنى لي أحلاما سعيدة .. بعيدا عنه .

– ماذا !؟ هل فارقك في الفراش أيضا ؟

– نعم !

– والسبب .. !؟

– أعيتني الحيل لأعرف ما خطبه .. لا أدري .

– هل تحدثتما بالأمر ؟

– نعم ، وقال امنحيني وقتا ..

– وماذا عنكِ ؟

– مستعدة أن أمنحه العمر انتظارا .. ولكن أريد أن أفهم ما علّته أو علّتي .

انتبه من بعيد وهو يدخل آخر حقيبة ، أنه محور حديث الأختين ، أعطاهما فرصة لكي ينتبها لوجوده ، ثم ابتسم بهدوء :

– سأتركك الليلة عند أختك .. أرى أنك افتقدتها كطفلة صغيرة .

ابتسمت امتنانا لعرضه .

وبالمقابل عرضت عليه الكبرى أن توصله بنفسها إلى بيته ، فتعب السفر واضح عليه .. فلم يمانع .

– حدثني بصراحة .. مابك ؟

– هل أخبرتك ؟

– لستُ بحاجة لأن أعرف .. الجفاء بينكما واضح للعيان .

– هي رائعة .. والعيب عيبي .

– هي تحبك ومستعدة أن تنتظرك العمر كله ، استشر الحكماء ، لا شيء يعجز العلم الآن.

– وهل حسبتني عاجز ؟

– لم أقل هذا ..

– هي تعتقد هذا ، وهذا يحزنني لأجلها جدا .

– والحل ؟

– أحتاج وقتاً .. أستغرب لم أنتِ مستعجلة الأمر أكثر منها ؟!

– مرّ أكثر من شهرين على زواجكما ، هي لا تستحق ما تفعله بها .

– ولا أنا ..

وصلت بسيارتها أمام بيته ، وساد الصمت الكريه الملغم بالشكوك والأسئلة .

وقبل أن ينزل اقترب منها وقبل يدها شاكرا رفقتها له ..

ثم فجأة تراجعت إلى الخلف ، صدمت مما رأت منه من فحولة صارخة ، ما يكفي .. مثنى ورباع !.

ركزت بصرها أمام مقود السيارة ، في حزن وغضب عارمين .

ثم أطلّ عليها من نافذة سيارتها قائلا بهمس :

– لا تسأليني بعد اليوم ، فقد زهدتها .. ورغبتك!.