صافحها بحرارة و احترام لطيفين ..
ارتبكا من سيل الترحيب والمجاملات المتبادلة، وأحدث وقوفهما إلى جانب المصعد ما يشبه الفوضى وسط النزلاء العابرين ..
هل تعرض عليه الصعود إلى جناحها أم تسلم له أمرها ، لا تدري.. بعد .
مشروع اللقاء كان مؤجلا منذ سنوات، واكتفت و هو بإرسال السلام والتحية هدية مع كل زائر يصل بينهما المسافات .
– وأخيرا .. وأخيرا.
ولا كلمة بعدها ، تكاد تصرخ فرحا ، وهو يكتفي بالثناء والانحناء تقديرا .. حتى نظراته كان يشيح بها عنها.
نعم ، فقد انتبه .. اللقاء ليس إكراما لعشرة عن بعد، هو أشبه بالانتقام عن البعد .
عرض عليها خيارات الضيافة ، لم تكترث لكرمه، طمعها كان أكبر وهو منها أصبح أكثر .. حذرا.
شغلها مطولا بمهمته كدليل سياحي ، وكان ينتظر أسئلتها، وهي لا يعنيها من أمر التاريخ سوى .. تاريخه.
– سأعرفك على زوجتي وأطفالي ..
– كيف تعرفتَ علىَ زوجتك ؟
الفتاة مصرة على إحراجه، وبين ضحكة ونكتة كانت تسحب قميصها إلى أسفل وصدرها يصرخ أمامه أكثر .. وأكثر.
وهو يؤثر تتبع مسار القميص إلى أسفل مُنكرا .. منكرها.
ألا ما أصعبه ، ولكنها ترغبه ..
فهل سينتهي اللقاء كما بدأ.. بمصافحة ؟
الوقت يمضي سريعا إلى ما بعد منتصف الليل والبرد يزيد حديثها وحشة .. وقسوة.
لا بأس ، بعض الأحلام تحتاج إلى صخور الواقع كي تكف عناَّ عذابها..
ساد صمت القبور .. إلا من موسيقى خافتة كنعي ساخر لا يعنيه من أمر الأموات أو الأحياء .. شيئا.
دخلت جناحها وحيدة وفي يدها كيس هدية .. كانت حزينة.
سحبت غلافها بغضب وكأنها تمزق عنه ملابس لتحرقه ، وجدت الهدية وبخطه رسالة : باركيني الليلة يا .. آلهة الغواية!!
